مرجع الهندسة المعمارية الالكتروني العربي الأول
لو غيرنا سير التاريخ في منابع الحضارة، لوجدنا أن فن العمارة هو السمة المعبرة عن أصول وواقع المجتمعات فيها، والهوية التي تبرز أصالتها وتعايشها مع الطبيعة.
والمتتبع مسار فن العمارة هذا، عبر الأجيال، يلتقي في أقدمها بالانسان الذي مارس الرسم والحفر والنحت في كهفه وكوخه الأولي، والذي عاش البيئة والأحداث فتأثر بها، وأثر فيها، كما وضع بذور التقاليد الانسانية، وانعكست بصددها على ما انتجه من آثار، وتردد صور البيئة والعادات.
انتقال الانسان هذا من الكهف إلى الكوخ المخروطي المقام من فروع الأشجار وسط الغابة، صاحبه تغير وسيلة العيش من الصيد إلى الرعي، وبمعنى أصح إلى أولى بدايات التطور.
وهذه المرحلة التي قطعها فن البناء منذ تلك العصور وحتى أيامنا، لم تتناول مضمون المبنى بأي تغيير، وإن تناولت شكله بالتحوير وفقًا لظروف الحياة في كل عصر ومكان.
العمارة إذًا، هي الأم الكبرى لفنون الشكل، والمهندس هو- على حد ما جاء في التعريف الشائع – رئيس الفنانين، ذلك أن المبنى كان وما يزال يهيئ للفنون المختلفة مكانها ويحدد أهدافها.
ويلتزم المعماري بمبدأ الملاءمة بين أشكال تلك العناصر ووظائفها في المبنى ثم بينه وبين وظيفته في المجتمع الانساني، بحيث تنعكس آثار ذلك على مظهره العام، وبحيث نستطيع أن نحدد طراز المبنى ووظيفته وعصره وموطنه بمجرد النظر إليه، وقد تنعكس ذاتيته على المبنى، فنقول أنه من تصميم المهندس رايت، أو لو كوربوزية…. الخ.
وفكرة اخضاع المبنى لاغراض الاستعمال كانت من العوامل التي لعبت أهم دور في تطوير فن العمارة، كما أن احتياجات العصر كانت تقتضي بتشييد مبانٍ لاغراض لم تكن قائمة من قبل، كبناء محطات السكك الحديدية مثلًا، ولقد تضافرت أمثال هذه العوامل مع اكتشاف مواد البناء الحديثة واستخدام الحديد، والاتجاه إلى سد احتياجات المجتمع من مباني الخدمات العامة ومستوى التزايد المستمر في عدد السكان، وارتفاع مستوى المعيشة، على تشجيع المهندسين لابتكار الأشكال الملاءمة لمثل هذه الأغراض.
وبلدان العرب التي تعيش مرحلة من مراحل نموها المتطور، وبخطى متسارعة في كافة النواحي، ومنها النواحي العمرانية والمعمارية، الصناعية والزراعية، هي حديثة الولادة لم تشهدها من قبل. وفي ظل هذا الواقع السار، تحاول هذه البلدان اعتماد مبدأ الخبرات الوطنية، ضمن المؤسسات والشركات الوطنية، وقد اثبت المهندسون العرب جدارتهم في كثير من المجالات، وثبَّتوا انجازات في صرح التنمية ستكون طريقًا في بلورة أصالة مهندس المستقبل.
من هنا تبرز أهمية وجود المراجع المتخصصة في تسهيل وظيفة وعمل المعماري لتوجيه امكانياته نحو حل المشاكل الجزئية. والاهتمام بالشكل والتكوين، وعدم اضاعة الوقت في البحث عن الوظائف التحليلية المختلفة، والتي سيقت بشكل منطقي وعلمي كشريط ممتع ضمن هذا الكتاب.
وحين أقدم شكري العميق لكل من ساهم أو ساعد في اتمام هذا العمل، سواء في الترجمة أو في تنقيح النصوص، أو في النشر، لا أنسى أن أقف باحترام أمام اساتذة العمارة الذين درسوني و علموني في دمشق سوريا ومن أهمهم الدكتور برهان طيارة، ولاتوجه نحو الاخوة الزملاء مهندسين وطلاب في لفت انتباهي إلى ما قد سهى من أخطاء سواء في الترجمة أو في الاملاء. لتدارك ذلك في المستقبل
كما ألفت انتباه الزملاء المعماريين أيضًا، من يودون المساهمة في سد النقص الكبير في المراجع المعمارية المتخصصة باللغة العربية إلى استعدادنا للمشاركة في نشر أعمالهم دون أن يعيروا الناحية المادية في شيء، وضمن مبدأ المشاركة في ذلك.
المهندس المعماري فراس محمد فرجي